الثلاثاء، 3 يونيو 2014

عيون الشعر قصيدته الوحيدة... قالها ثم مات!)

عيون الشعر

قصيدته الوحيدة... قالها ثم مات!)




لاتعذليه..


هي قصيدة أشبه بالخيال..
وهو شاعر أقرب إلى الأسطوره.. عاش مجهولا.. وكاد أن يرحل مجهولا لولا هذه القصيدة التي وجدوها مكتوبة عند راسه.. وهي القصيدة الوحيدة التي تنسب له.. ولكنها من نوادر الشعر.. إذ كيف استطاع هذا الشاعر البغدادي أن يضمن حضوره في الأدب العربي عبر قصيدة يتيمة.. مليئة بالغنائة والشجن والحزن المترامي.
ولو بحثنا لن نجد عنه إلا معلومات قليلة مكتوب قبل كل منها (يقال).. فكأنه اكتفى بحضور شعري.. يخلد له اسما غير كامل (ابن زريق البغدادي).. وكل ما في الحكاية أنه ضاق ذرعا بفقره فرحل عن بغداد مودعا حبيبته او زوجته.. واتجه إلى الأندلس حلم الفقراء، لكنه وجد ألم الفراق أشد وقعا على قلبه من الفقر، فودع الحياة.. بهذه القصيدة الغزيرة فكرا وشعرا وإحساسا..


لا تَعذَلِـيـه فَــإِنَّ الـعَـذلَ يُولِـعُـهُ
 قَـد قَلـتِ حَقـاً وَلَكِـن لَيـسَ يَسمَعُـهُ
جـاوَزتِ فِـي لَومـهُ حَـداً أَضَـرَّ بِـهِ 
مِـن حَيـثَ قَـدرتِ أَنَّ اللَـومَ يَنفَعُـهُ
فَاستَعمِلِـي الرِفـق فِـي تَأِنِيبِـهِ بَـدَلاً 
مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنـى القَلـبِ مُوجعُـهُ
قَد كـانَ مُضطَلَعـاً بِالخَطـبِ يَحمِلُـهُ 
فَضُيّقَـت بِخُطُـوبِ المَهـرِ أَضلُـعُـهُ
يَكفِيـهِ مِـن لَوعَـةِ التَشتِيـتِ أَنَّ لَـهُ
 مِـنَ النَـوى كُـلَّ يَـومٍ مـا يُروعُـهُ
مـا آبَ مِــن سَـفَـرٍ إِلّا وَأَزعَـجَـهُ رَ
أيُ إِلـى سَفَـرٍ بِالـعَـزمِ يَزمَـعُـهُ
كَأَنَّمـا هُـوَ فِـي حِــلِّ وَمُرتـحـلٍ 
مُـوَكَّـلٍ بِفَـضـاءِ الـلَـهِ يَـذرَعُـهُ
إِنَّ الزَمـانَ أَراهُ فـي الرَحِيـلِ غِنـىً
 وَلَو إِلى السَـدّ أَضحـى وَهُـوَ يُزمَعُـهُ
تـأبـى المطـامـعُ إلا أن تُجَـشّـمـه
 للـرزق كـداً وكـم مـمـن يـودعُـهُ
وَمـا مُجـاهَـدَةُ الإِنـسـانِ تَوصِـلُـهُ
 رزقَـاً وَلادَعَـةُ الإِنـسـانِ تَقطَـعُـهُ
قَـد وَزَّع اللَـهُ بَيـنَ الخَلـقِ رزقَهُـمُ
 لَـم يَخلُـق اللَـهُ مِـن خَلـقٍ يُضَيِّعُـهُ
لَكِنَّهُـم كُلِّفُـوا حِرصـاً فلَسـتَ تَـرى
 مُستَرزِقـاً وَسِـوى الغايـاتِ تُقنُـعُـهُ
وَالحِرصُ في الرِزاقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت
 بَغِـيُ أَلّا إِنَّ بَغـيَ المَـرءِ يَصـرَعُـهُ
وَالدهرُ يُعطِي الفَتى مِـن حَيـثُ يَمنَعُـه
 إِرثـاً وَيَمنَعُـهُ مِـن حَيـثِ يُطمِـعُـهُ
اِستَودِعُ اللَـهَ فِـي بَغـدادَ لِـي قَمَـراً بِ
الكَـرخِ مِـن فَلَـكِ الأَزرارَ مَطلَـعُـهُ
وَدَّعـتُـهُ وَبــوُدّي لَــو يُوَدِّعُـنِـي 
صَفـوَ الحَـيـاةِ وَأَنّــي لا أَودعُــهُ
وَكَم تَشبَّثَ بـي يَـومَ الرَحيـلِ ضُحَـىً 
وَأَدمُـعِـي مُسـتَـهِـلّاتٍ وَأَدمُـعُــهُ
لا أَكُذبث اللَهَ ثـوبُ الصَبـرِ مُنخَـرقٌ 
عَـنّـي بِفُرقَـتِـهِ لَـكِـن أَرَقِّـعُــهُ
إِنّـي أَوَسِّـعُ عُـذري فِـي جَنايَـتِـهِ
 بِالبيـنِ عِنـهُ وَجُـرمـي لا يُوَسِّـعُـهُ
رُزِقـتُ مُلكـاً فَلَـم أَحسِـن سِياسَـتَـهُ وَ
كُـلُّ مَـن لا يُسُـوسُ المُلـكَ يَخلَعُـهُ
وَمَن غَـدا لابِسـاً ثَـوبَ النَعِيـم بِـلا 
شَكـرٍ عَلَيـهِ فَــإِنَّ الـلَـهَ يَنـزَعُـهُ
اِعتَضتُ مِن وَجـهِ خِلّـي بَعـدَ فُرقَتِـهِ 
كَأسـاً أَجَـرَّعُ مِنهـا مــا أَجَـرَّعُـهُ
كَم قائِـلٍ لِـي ذُقـتُ البَيـنَ قُلـتُ لَـهُ ا
لذَنـبُ وَاللَـهِ ذَنبـي لَسـتُ أَدفَـعُـهُ
أَلا أَقمـتَ فَـكـانَ الـرُشـدُ أَجمَـعُـهُ 
لَـو أَنَّنِـي يَـومَ بـانَ الرُشـدُ اتبَعُـهُ
إِنّــي لَأَقـطَـعُ أيّـامِـي وَأنفِـنُـهـا 
بِحَسـرَةٍ مِنـهُ فِـي قَلـبِـي تُقَطِّـعُـهُ
بِمَـن إِذا هَجَـعَ النُـوّامُ بِــتُّ لَــهُ 
بِلَوعَـةٍ مِنـهُ لَيلـى لَسـتُ أَهجَـعُـهُ
لا يَطمِئـنُّ لِجَنبـي مَضـجَـعُ وَكَــذا
 لا يَطمَئِـنُّ لَـهُ مُـذ بِنـتُ مَضجَـعُـهُ
ما كُنـتُ أَحسَـبُ أَنَّ المَهـرَ يَفجَعُنِـي
 بِـهِ وَلا أَنّـض بِـي الأَيّـامَ تَفجـعُـهُ
حَتّى جَـرى البَيـنُ فِيمـا بَينَنـا بِيَـدٍ 
عَسـراءَ تَمنَعُنِـي حَـظّـي وَتَمنَـعُـهُ
فِي ذِمَّـةِ اللَـهِ مِـن أَصبَحَـت مَنزلَـهُ
 وَجـادَ غَيـثٌ عَلـى مَغنـاكَ يُمرِعُـهُ
مَـن عِنـدَهُ لِـي عَـهـدُ لا يُضيّـعُـهُ 
كَمـا لَـهُ عَهـدُ صِـداقٍ لا أُضَيِّـعُـهُ
وَمَـن يُـصَـدِّعُ قَلـبـي ذِكــرَهُ وَإِذا 
جَـرى عَلـى قَلبِـهِ ذِكـري يُصَدِّعُـهُ
لَأَصـبِـرَنَّ لِـمَـهـرٍ لا يُمَتِّـعُـنِـي
 بِـهِ وَلا بِـيَ فِــي حــالٍ يُمَتِّـعُـهُ
عِلماً بِـأَنَّ اِصطِبـاري مُعقِـبُ فَرَجـاً فَ
أَضيَـقُ الأَمـرِ إِن فَكَّـرتَ أَوسَـعُـهُ
عَسى اللَيالـي الَّتـي أَضنَـت بِفُرقَتَنـا 
جِسمـي سَتَجمَعُنِـي يَومـاً وَتَجمَـعُـهُ
وَإِن تُـغِـلُّ أَحَــدَاً مِـنّـا مَنـيَّـتَـهُ 
فَمـا الَّـذي بِقَضـاءِ الـلَـهِ يَصنَـعُـهُ


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق