الثلاثاء، 3 يونيو 2014

عيون الشعر وَالـنَفسُ راغِـبِةٌ إِذا رَغَّـبتَها (علي المسعودي)

عيون الشعر

 

وَالـنَفسُ  راغِـبِةٌ إِذا رَغَّـبتَها    

 

 بقلم: علي المسعودي



شاعرنا هو أبو ذؤيبٍ خويلد بن خالد الهذلي، وكُنّي بأبي ذؤيْب، نسبةٌ لولده الأكبر ذؤيب، وهو شاعر أدرك زمناً في الجاهلية وزمناً في الإسلام ممن عُرفوا بالمخضرمين وقد أسلم وجاهد مع الغزاة في سبيل الله، وتوفي في خلافة عثمان رضي الله سنة 27 هـ ، عنه، ولقصيدته هذه شهرة ذائعة قي الأدب العربي.

خرج الشاعر إلى الجهاد في سبيل الله، مع أولاده الخمسة، متَهيّئين لفتح إفريقية، في جيش عبد الله بن أبي السرح ثم عاد الجيش منتصراً، وفي الطريق انتشر وباءٌ جارف، أخذ الأولاد الخمسة في عنفوان الشباب، ورجع الوالد حزيناً متحسرّاً في حزن، ثم استسلم للشّعر يبثه أشجانه فكان مما قال:

 

 

أَمِـنَ  الـمَنونِ وَريـبِها تَتَوَجَّعُ  

 وَالـدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ

قـالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً  

  مُـنذُ اِبـتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ

أَم  مـا  لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً      

إِلّا  أَقَـضَّ عَـلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ

فَـأَجَبتُها  أَن مـا لِـجِسمِيَ أَنَّهُ    

 أَودى  بَـنِيَّ مِـنَ البِلادِ فَوَدَّعوا

أَودى  بَـنِيَّ وَأَعـقَبوني غُـصَّةً  

   بَـعدَ  الـرُقادِ  وَعَـبرَةً لا تُقلِعُ

سَـبَقوا  هَـوَىَّ وَأَعنَقوا لِهَواهُمُ  

    فَـتُخُرِّموا وَلِـكُلِّ جَنبٍ مَصرَعُ

فَـغَبَرتُ  بَـعدَهُمُ بِعَيشٍ ناصِبٍ    

 وَإَخـالُ  أَنّـي لاحِـقٌ مُستَتبَعُ

وَلَـقَد  حَرِصتُ بِأَن أُدافِعَ عَنهُمُ      

فَـإِذا  الـمَنِيِّةُ أَقـبَلَت لا تُدفَعُ

وَإِذا الـمَنِيَّةُ أَنـشَبَت أَظـفارَها  

   أَلـفَيتَ  كُـلَّ  تَـميمَةٍ لا تَنفَعُ

فَـالعَينُ بَـعدَهُمُ كَـأَنَّ حِداقَها    

 سُـمِلَت  بشَوكٍ فَهِيَ عورٌ تَدمَعُ

حَـتّى كَـأَنّي لِـلحَوادِثِ مَروَةٌ  

   بِـصَفا الـمُشَرَّقِ كُلَّ يَومٍ تُقرَعُ

لا بُـدَّ مِـن تَـلَفٍ مُقيمٍ فَاِنتَظِر      

أَبِأَرضِ  قَومِكَ أَم بِأُخرى المَصرَعُ

وَلَـقَد  أَرى  أَنَّ الـبُكاءَ سَفاهَةٌ  

    وَلَـسَوفَ  يولَعُ بِالبُكا مِن يَفجَعُ

وَلـيَأتِيَنَّ  عَـلَيكَ  يَـومٌ مَـرَّةً      

يُـبكى  عَـلَيكَ  مُقَنَّعاً لا تَسمَعُ

وَتَـجَلُّدي  لِـلشامِتينَ  أُريـهِمُ    

  أَنّـي لَـرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَعُ

وَالـنَفسُ  راغِـبِةٌ إِذا رَغَّـبتَها    

  فَـإِذا  تُـرَدُّ إِلـى قَـليلٍ تَقنَعُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق